وجهي .. في مرآة مهشمة ..!

صورتي
حيث تفنى كل نار
هيَ ذي الحياة ُرسائل ٌ.. فيها من الألم الجديد ْ.. العُمر خيل ُمراسل ٍ.. والحُزن ذاك هو البريد ْ..!

الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

أنا .. في أسبوع [ 14 ]


::
::

الــيــــوم: عـــشــــرة آلامٍ واثـــــنـــــــان
الأسبوع: خـــمــــســــون جُـــــرحــــــــا
الـشــهـر: ديــــســـمـــبـــــر الأفـــــــــول
الــســنـة: الثانية عشرة بعد ألفي منفى
،

لقد تركت لي روحي الذابلة إرثاً ثقيلاً من الأسى والانكسار، ولكن هو الحُزن، المعلم الأول، يرتقي بك إلى سماءٍ تقي أذنيك ضجيج الكائنات وضوضائها، فهل ترى تخلقت في جوانحي روحٌ جديدة، أم أنه طائف حلم يتلاشى مع انبلاجة فجر؟ الوقتُ مبكرٌ على إطلاق الأحكام، ولكن الابتسامة في وجهي والبريق في عيني يكشفان بعضاً من السر المخبوء في جيب القدر، أنا لا أكترث، أنا حُر طليق! :)


لقد عشتُ تلك اللحظة، تلك اللحظة المستثناة من نطاق الحواس، قوة الروح، اتقاد جذوتها، سلطتها وسطوتها على ذرات الجسد، حين تشعر أنك غير قادر على تفسير البهجة التي تجتاحك كسيل جارف، يرأب كل صدع، ويوصد كل نزيف، ويغسل سائر الجراح، ويوقف تيار الزمن برهة، ويجعل الشمس في يمينك، والقمر في شمالك، ووجهك وضاحٌ وثغرك باسمُ.

أجوب الطرقات، وكأني أتفقد الأرض لأول مرة، ككائن للتو تطأ أقدامه الثرى، وأنا أشعر بالأغنيات تضج في حنايا أضلعي، حين تعانق عيناي أبراج السماء فأسشعرها تحدثني بلغة لستُ أعي كنهها إلا أنها تُترجم في ابتهاج عارم يعج في مسارب دمي، حيثما ألتفت وأولي بصري، أرى كل شيء مكسواً بالجمال، كل شيء يدفعني للتحليق بعيداً جداً عن دبيب الكائنات وزحامها الكئيب وعالمها السخيف الرتيب.. نعم، أنا أنتصر في مجد، أنتصر بانكساري، بأحزاني، بآلامي، بأحلامي المشظاة وأجنحتي المهيضة، أنتصر بكل هذا، على نفسي، على الوجود، أنا .. قاهر!



كم تهوى النفس هذا المكان، وهذا المنظر الموشى في عينيّ، كم ترى من السنين مرت، وأنا رابض في هذه الجنة حاملاً كتاباً وكوب شاي كبير، وأحلاماً تسور العنق كطوق ياسمين، كم هي المرات التي مارستُ بين تغاريد عصافيرها وأفنانها وأفيائها الحنين، والحب، وعذب الغرام، وتلوت على أصداء سمائها الأمنيات! هذه هي الأرض التي سقطتُ فيها من السماء ساعة عتمة، بضلع مكسور، وروحٍ مشظاة، هذه هي الأرض التي علمتني العشق، والوفاء، والجمال!



 لا أحتاج أكثر من عناق هذه الزهرات لأخلق في أكتادي أجنحة تحلق بي حيث لا ركز لبشر، هنا تتربع ابتسامة عريضة بين وجنتي، وكأني أنصت بإمعان لقصائد سحرٍ يصدح بها الكون في مسامعي، ثمة رباط متين يجمعني بهذا الجمال الذي يخطف الأبصار ويخلب الحجا، ثمة لغة من الحب تجعلني أهوى الابتعاد عن كل كائن يمشي على ساقين ويحمل في جمجمته مرجلاً مترعاً بمهازل الدنيا وسفاسف حوادثها، ويصم آذاني بثرثرة لا تزن حصيلتها جناح ذبابة وتفضي إلى صداع! فأشيح بكل حواسي بعيداً جداً، إلى حيث ألغي من الكون كل شيء عدا الذي طبعت في جبينه قبلة من فم الحسن. ثمة عالم هائل يتضخم في عمق هذه الأضلع، يبقيني قناصاً لطرائد السرور حيثما أكون، ولا أبالي بما دون ذلك.


 لطالما ظننت أني مصاب بإعاقة في الروح بعد انكساري الأخير، ولكن بعثت من قبري كائناً ذا روحٍ أفخم وأعظم، مدججة بأسلحة أقوى، وتروس أعتى، تؤزها طاقة جبارة، يضمها قلب مفصل على مقاس الحب الأسمى، قلبٌ متفجر بالعشق، متيمٌ بممارسة الشوق، ومتقنٌ في مزاولة الحنين، يفتش في الكون عن عيني حبيبٍ ترجح كفته أمام كفة سائر الكائنات في ميزان الوجود، فأستغني به عن العالمين. ثمة مزيج عجيب من منتهى العقل والرشد والنضج، ومنتهى الجنون والشقاوة والشغب، كائن مليء بالتناقضات والأضداد، وكأني خزانة ملأى بكل ألوان الحس والشعور، أنتقي منها ما أشاء، وأترك ما أشاء، بإشارة اصبع استحالت عصا ساحرٍ متمرس، عركته نوائب الدهر حتى استحكمت شكيمته، واشتدت عزيمته.

بكل اختصار، أنا الآن أقوى، أعظم، أجمل :)
،
::
::

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق