وجهي .. في مرآة مهشمة ..!

صورتي
حيث تفنى كل نار
هيَ ذي الحياة ُرسائل ٌ.. فيها من الألم الجديد ْ.. العُمر خيل ُمراسل ٍ.. والحُزن ذاك هو البريد ْ..!

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

والعطر عنده وفا .. أكثر من اصحابه ..!

::
::

أحبك، أيها البحر! هكذا نبست شفتاي وأنا أصافح خد البحر بعينيَّ جيئة من مقر العمل وذهاباً إليه. مع البحر، ومع من يشبه البحر في لغتي (ابتسامة مكر)، أشعر بأن وصائل أضلعي تستحيل أزرار قميص تتفكك واحداً تلو آخر، أشعر بكائن ما يتضخم في جوفي، ولكنه شيء لا يشبه الألم في شيء، ولا يحمل وجع الانكسار ..!

أهو الـ .. حُـب ؟ :)

في طريقي إليك
أحب الطريق
لأن الطـريق
يقودُ إلـيــك ..!

أحب النهار
أنا حين أصحو
عليها يديك
وتشرق شمسي
بدفء الضياء
على راحتيك

أحب الظلام
أنا حين أغفو
أغمض جفني
على مقلتيك
وأسهر قربك
لا من سهادٍ
ولكن .. حبيبي
خوفاً عليك ..!

أحبك
حين أمرغ خدي
في وجنتيك
وكفي
تداعب وجهك
ووجهي
بدءاً برأسك
يطبع قُـبَلا
إلى قدميك
وهذي الأصابع
تلثم شعرَك
وكلتا عيوني
أسرى لديك
وألقي شفاهي
بعد عناقٍ
طويلٍ طويل
في شفتيك ..!

رغم أني لم أحرز تقدما في استقرار كياني بعد، إلا أني اشعر بأن ثمة حس بالانتصار يغمرني، ربما جراء كسب مزيد من الثقة في النفس بفعل تفاعلي مع المحيط، ربما لأني اشعر اينما ذهبت أن الأعين التي تحمل صورة وجهي تصنع لي تقديراً فورياً، ولونا من ..الاهتمام (سأبقي التفاصيل سراً .. / يغمز )، أو ربما لأني للحظة ما، تذكرت دستور [ عصر الإرهاب ] الذي اختلقته لنفسي، والذي كان من ضمن بنوده بند فحواه أنه ليس هناك شيء مهم! ليس هناك شيء لا يمكن التخلي عنه، ليس هناك شيء لا تستطيع أن تعيش بدونه. اما بند [ الموت ] فيه، فمختصر بعبارة: [ إذا تبسم الموت في وجهك، فكل ما عليك فعله هو رد الابتسامة ]، فليس مهما متى يأتي الموت وكيف، لأني لا أعيش يومي، بل أعيش نفسي، وهكذا أصبح خارج نطاق الزمن، خارج حدود الموت، إنه الخلود!

كم مرة يا ترى، حملني اشتياقي إليك، ومن كل فج عميق أتيت، لألقي حر حنيني عليك! البارحة كنتُ هناك، أطوف حول مرقدك، أتقصى عطرك، وأقفو وقع قدميك، ثم أذوي بعيداً، فلم تبكِ عيناي لأني، تركتُ عينيَّ لديك!

وحين امتد الغياب بك، واستطال الشوق بي، أخرجتُ من جيبي قارورة عطر [ جادور ] صغيرة، فنفحت أريجها في رئتيَّ، وكتمتُ أنفاسي ثم .. مضيت!

لقد كان عطرك .. يوم احتراقي .. أشد وفاءً منك إليك!
::
::

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

أنا .. في أسبوع [ 2 ]

::
::
الــيــــوم: أربعة عشر ألماً
الأسبوع: واحد وأربعون جُرحاً
الـشــهـر: أكتوبر الأسى
الــســنـة: الحادية عشرة بعد ألفي منفى

[ عامٌ على الموتِ المدفون في أضلعي ]
قبل عامٍ من الآن، لم أكن أدرك أن الشمس التي تغيب، لن تكون الشمسَ التي تشرق، ولم أكن أعي أني على موعدٍ مباغتٍ مع الموت، في الوقت الذي كنتُ فيه معتكفا في محرابِ الأمنيات، أتلو على الحب الصلوات، في الوقت الذي كنتُ فيه أتحرق شوقاً لغدٍ أوسد فيه حبيباً أضلعي، وأفجر في عينيه كل الحنين المأسور في أنفاسي، وأطوقه بيدي تطويق حلقات السلاسل، خشية أن أفقده برهة من عمر!
لم أكن أعرف حينها، أن الموتَ يأتي في الوقت الذي نشعر فيه أننا على الحياة أقدر، لم أكن أعرف أن الدعوات التي نلح فيها ونصر عليها تكون عرضة للاغتيال أكثر! لم أكن أعرف أني حين كنتُ أتشبث بأرجل السماء أستجدي حُلما وحباً، قد كان آنذاك قبري يُحفر!
أذكرُ جداً كيف استعجل الشتاء موسمه من بعد عناقنا الأخير، ودفء كفيه الموشوم في صدري أنساني اقتناء معطف يقيني جليداً يوشك أن يلقي صقيعه في كبدي، وأنا الذي كنتُ قد بعت ملابسي منذ اتخذت جفنيه لباساً، ومحوتُ من دفاتر تاريخي كل الوجوه والأسماء مذ غدا وجهه إنجيل ذاكرتي واسمه تراتيل صلاتي، وصممت عن كل مزامير الحناجر وأنغام الألسن يوم استحال صوته أنشودة قلبي ونبض شراييني.. أذكر جداً، أني نسيتُ كل تعليمي وفهمي، يوم طلب مني رسم خريطة الكون، فرسمتُ في صفحتي عينيه!
في صباح الخامس عشر من أكتوبر، صحوتُ من نومي في وقتٍ على غير عادة، أتراه من جراء تضخم الحنين الذي خنق أنفاسي؟ أم أن السماء كانت تشفق على نائم مثلي توسد حلمه ليلا ليفيق على موته نهارا، فأيقظتني في حين غرة .. على كفني!
أذكر جدا، كيف كان انقطاع الاتصال، يقطع أوصالي، أذكر جدا، كيف شعرتُ بفؤادي يتفجر في جوفي، وتتشقق رئتاي وكأن الهواء شرع ينفد كما الوقت، أذكر جدا أني انقطعتُ عن الوعي، وتجمد الاحساس في أوردتي، وسقطتُ مُدلها لا أدري أيهما تداركني أسرع، الصراخ أم البكاء!
مازلتُ إلى الآن غير قادرٍ على سرد ذكرى الموت تلك، فكلما توغلتُ في الادكار أجد فرائصي ترتعد أكثر، وأصابعي ترتعش أكثر أكثر، أهو الجرح مازال ينزف لم يترفق به الإبلال، أم هي طعنة الموت لم ينتزع خنجرها بعدُ من صدري!
أذكر جداً، كم كنتُ أحبك، كم صد عشقي لعينيك الموتَ عن عيني، وكيف اتخذتُ من وجهك مجنأ وترسا يقيني نبالا مسننة نحو فؤادي مسددة، وكيف جعلتُ من عطرك دواءً أستطب به فأريقه على جسدي ليخمد سورة الحمى التي لازمتني منذها وإلى الآن!
لم أكن أصدق، أن وجهاً كوجهك، يمكن أن يتخطفه القدر من بين أصابعي، لم أكن أصدق، أن عينيك اختارتا أن تبصرا صبحاً لا يكون في قسماته وجهي، لم أكن أصدق، أن توصد أبوابك على روحي التي سميتها باسمك، وخضبتها برائحتك، وألبستها شفتيك، وأنا الذي بقيتُ أطرق جدران صمتك بصوت من أنين، وأذرفك شوقاً في أدمعي التي كسرت ضلع السماء من وجع الحنين!
كنتُ أراكَ روحاً وحدها خلقها الله من فردوسه، وكذبتُ فيك كل نبوءات السماء، وأبقيتُ حبك قرآنا أتلوه في محراب حزني كل ليلة، وجعلتُ الوفاء لك زاداً لأيامي، علك يوماً تتذكر وجهي، فتحملك خرائط الشوق إلى أضلعي، فطالت الأيام، وازدادت الليالي عتمة .. فاشتد لهيب احتراقي فيك، وامتد طريق غيابك بك!
إلا أنت .. لن تكسرني، تلك كانت عقيدة حبي لك، فكيف أعدت إليَّ قلبي من يديك به انكسار؟!
قد يمنعني التشظي من مواصلة إراقة الحبر الآن، فللعينين حبرٌ آخر .. يوشك أن يُراق!
::
::

الجمعة، 7 أكتوبر 2011

أنا .. في أسبوع [ 1 ]

::
::
الــيــــوم: سابع ألم
الأسبوع: أربعون جُرحاً
الـشــهـر: أكتوبر الأسى
الــســنـة: الحادية عشرة بعد ألفي منفى

أتراه قد مضى وقتٌ طويلٌ منذ آخر مرة عانقت عيناي وجهي في المرآة؟ لستُ أدري، فما أنا من الذي يجيدون حساب العمر وقياس حجم التاريخ، ولا أبرع في الاحساس بدقات الساعة ولا بلسعات عقاربها، فمازال وجداني مركوناً خارج نطاق الزمن، لدرجة أشعر فيها أن رحى الدهر قد أقصرت عن الدوران، أو بالأحرى، أن عمري ما انفك قيده موثقا في إحدى زوايا الماضي المعتمة التي تتشابه في ظلمتها .. كل الأشياء!
الوقتُ يمر سريعا جداً في أيامي الأخيرة، ربما لأن الزمن لم يتمكن بعد من اختراق جدار الأمنيات التي عجز الدهر عن جعلها تشيخ وتحني ظهرها. نعم، هذا أنا الذي لا يحسب عمره بالأرقام، إنما بالأحلام .. والوجوه! فليس عجبا ألا تمسني سياط الوقت إلا .. بسوط الحنين!
منذ أن بدأت العمل، وأنا أقيم مأتماً لحريتي كل ليلة، وشوق القفول إلى وطني، إلى داري، غرفتي، مخداتي التي عصرتُ فيها ألوان حزني، ونسائم العشب الأخضر، وعبير النرجسات السبع، وشذى البرتقال وأريج الياسمين، وشموخ النخيل الباسقات، ورائحة العطر الذي تمخض عن تراب بللته دموع السماء غداة رحيلي، كل هذا وأكثر، يطرق في أضلعي دسار الصبابة، ويقلد يدي سيفا يقدد الأيام إربا، لأجدني يوم الأربعاء في قوافل العائدين إلى الأوطان، ولكن بأجنحة أكبر، من التحنان!
أفتقدني هنا، ولا أراني هناك كما أراني هاهنا، ويزعجني أن يسرق الوقتُ مني أنس كتبي ودفاتري، ورغم أني أحاول جاهدا مواصلة القراءة في أحايين الفراغ أثناء فترة العمل، إلا أن ذلك لم يروِ ظمئي وتعطشي لمعانقة الأحرف، وكل هذا الانزعاج، يثلج ناره أمل بالاستقرار قريباً، وإن غداً لناظره قريبُ.
أنا في هذا الأسبوع الأربعين على التشظي، رغم كل الانكسارات، رغم كل الأحلام الذابلة، مازلتُ أقف، ومازلتُ أسير، ومازلتُ .. أبتسم :)
أيها الحُزن .. شكراً لك .. لأنك وحدك تطبع في وجهي قبلة دفء، في الوقت الذي تختفي فيه وجوه وعدت بالحياة .. فأوفت بموت!
::
::