::
::
،
أراني إذا ما تداجى الظلام
ولـم يبقَ للنـورِ من عاصمِ
كــأني فـي جــبــلٍ شـاهــقٍ
تـيـقـظـتُ فــي زمـنٍ نـائــمِ
فـكــل الـخـلـيـقـةِ في عالمٍ
بـعـيـدٍ ووحـدي فـي عـالـمِ
.
ولـم يبقَ للنـورِ من عاصمِ
كــأني فـي جــبــلٍ شـاهــقٍ
تـيـقـظـتُ فــي زمـنٍ نـائــمِ
فـكــل الـخـلـيـقـةِ في عالمٍ
بـعـيـدٍ ووحـدي فـي عـالـمِ
.
كم تُرى من الدهر قد مضى، منذ أن نثرتُني في صحنِ ذاكرتي، كعقيقٍ مبعثرٍ في ساحةِ مرمر، كم من العمر قد مر، وأنا منفيٌّ من ناموس الزمن، كنيزكٍ مقذوفٍ خارج فلك الأجرام، يمُد الظلامُ لهُ دهاليزه ويمهد أروقته، كمهاجرٍ قديمٍ آيبٍ من سفر طويل، من سفرٍ مرير، فتهرع إليه العتمةُ لتُقِرَّ له كم استبدَّ بها إليه الحنين!
مازلتُ ذلك الكائن، الذي تعطلت لديه حواس الشعور بدقات الساعة، كوجهٍ واقفٍ قبالة مرآةٍ محطمة، فتفشلُ دائماً في تكوين صورةٍ واضحة الملامح، صافية التقاسيم. مازلتُ ذاك الكائن الذي لا يعبأ بجري الأيام، ولا يأبه لمر الأعوام، منذ أن تعادلت في ناظريه كفتا النور والظلام. مازلتُ ذاك الكائن الذي يتقن لبس الأقنعة، ويستطيع التخفي خلف عباءة تعاويذه وطلاسمه العصية على الفك. مازلتُ ذاك الكائن الناقم على بشريته، الغارم بخلاص روحه، مذ سقط من السماء بضلعٍ مكسورٍ وأجنحة مهيضة، مازلتُ الكائن الذي يقف على البحر فيجثو البحر تحت أقدامه، منيباً لعينيه، وممتناً لأدمعه التي اكتسبَ بها البحرُ روحاً .. وزُرقة!
مازلتُ ذاك الكائن الذي لا تسرق الدنيا قلبه، مهما غاص في زحامها، وغص زحامها بأحلامه المهيبة، المهولة، تلك الأحلام التي أعيت الأيام أن تزيدها كهولة، بل كلما شاخ الدهر، وضاق العمر، تتفجر شباباً، وتتوقد التهاباً. مازلتُ ذاك الكائن المرابط في صومعته، كراهب معتقل في كهفه، بسراجه القديم، وحقائب كتبه، وحبه العاصي للنسيان، المتكبر على أبعاد الزمان والمكان.
مازلتُ ذاك الكائن، الكاهن، الآبي على التكهن، الممتنع من صرف القدر، الثائر على كل شيء، حتى على نفسه.
هذا كشطٌ على جدار الكهف، علَّ الريح يوماً، تروي للوجود رجلاً .. معصوماً بالحُزن.
.
،
::
::
لم تتغير :)
ردحذفلقلبك الياسمين.