وجهي .. في مرآة مهشمة ..!

صورتي
حيث تفنى كل نار
هيَ ذي الحياة ُرسائل ٌ.. فيها من الألم الجديد ْ.. العُمر خيل ُمراسل ٍ.. والحُزن ذاك هو البريد ْ..!

الخميس، 1 أغسطس 2013

أضلعٌ تحتَ التضميد


::
::

،
ما الناسُ إلا العاشقون وذو الهوى
ولا خيــرَ فيمن لا يــحـب ويعشــقُ

ترى، ماذا تعني الحياة، إن لم تكن حياةً لفعل ما تحب، لأجل من تحب، مع من تحب. ماذا تعني الحياة، إن لم تكن خروجا عن النص، وتمرداً على الوجود، وفضاً لسلك النظام. ماذا تعني الحياة، إن لم تكن جنوناً مدسوساً في زي العاقلين، وعشقاً مخبوءاً في رداء الحازمين، قناعٌ معطل الملامح تقابل به وجوه الكائنات، ووجه معرى، تعانق به عيني حبيب. ماذا تعني الحياة، إن لم تكن هروبا من ضجيج البشر، وارتماءً في صدر هواك، ذاك الذي تراه بين ظلام الخلائق مثلَ القمر!
 
ما أسخف أولئك الذين يظنون العيش في كسرة خبز، أو حفنة مال، أو في اللهث وراء متاع الحياة الزائف الذي ما يلبث حتى يصير حطاماً ركاماً، ما أسخف أولئك الذين يهدرون أعمارهم في سداد صروف الحياة، وقضاء حوائجها، واتقاء نوائبها، وأيامهم مكرورة كصفحاتٍ منسوخة، لا يتغير فيها سوى قِصَر الأمل، ودنو الأجل. فكن غنياً، أو كن فقيراً، فكلاهما سيصير للقبرِ والكفنِ.
 
تفرستُ في جوه الناس، فوجدتهم موتى، ماعدا العشاق! فما سرني أني خليٌّ من الهوى، ولو كان لي ملك الشرقِ والغربِ.
 
ولا خير في الدنيا إذا أنتِ لم تزرْ
حبيباً ولــم يطـــرب إليكَ حبيــبُ
 
تحيا النفوس من الهوى وبه يطيب لها المعاش، ولقد علمتُ بأنه ما طاب عيشٌ لامرئٍ لا يعشقُ.
 
 
[ ليكن صوتُك .. آخر الأغنيات في أذني ]
 

ثمة وجوه خلقت لأجل ان تبعث الحياة، وأيدٍ ما أن تمس الاضالع حتى تنفخ فيها الروح، كغيث همى على صدر الفلاة، تحيا به الأرض من بعد موتها. وصوتٌ له فعل السحر، يوقف دوران الكواكب، ويعلق النجوم في مصامها كاسرجة مضرمة، ويشعرك في لحظة فارقة من العمر، أنك في طور الخلود، أنك الآن في الجنة.
 
مر دهر طويل، منذ أن تسلل صوتك الذي يشبه أغنيات الفجر، وعزف العنادل، وتراتيل البحر حين يعانق موجه صدر الشواطئ، صوتك الذي يزرع الحياة في أقاصي الروح، ويحيطها بحنان كأجنحة الملائك، يوقد جذوة القلب، ويأسر الحواس، فتشعر حينها أنك مجرد من كل ما يمت للكون بصلة، وكأنما انتُشلتَ من اركام الدنيا وصعد بك  إلى أبراج سماء بعيدة جداً عن ضجيج الخلائق.
 
بعد كل هذا العمر، كل هذا النأي، بعد انشقاق العصا وافتراق الخطى، آتيك كمن يفر عن جلاده، لأتدثر بجفنيك، وألوذ بأهدابك، وأعوذ بك من الاندثار،  فتعصمني من الانكسار، وتهديني يوماً آخر تشرق فيه الشمس، وأنتَ كما أنت، لا تغيرك السنون، ولا تقسيك الأيام، وكأن الزمن نائم في عينيك، بلطفك المتبجس كنهر سري يقر برده في الفؤاد، ويغسل روحك من هموم الحياة وأكدارها، ويجلببك بالبياض ويخضبك بالأريج، ويمحو من جبينك كل الوجود.
 
ترى، كم من العمر يلزمنا لنكفر عن خطايا ساعة مرت دون أن نعانق فيها وجه حبيب، وكم من صلوات الغفران يحوجنا لنحط من أعمارنا كل يوم مر دون وصل من حل في القلب ساكنا فشغفه حبا.
 
بعد أن ضاقت علي الأرض بما رحبت، وزلزل بأقدامي، وتقطعت سبلي وضللت سبيلي وفقدت خارطتي، فتحتَ ذراعيك باسماً، فجثوتُ أمامك على استحياء، كآثم يصب أدمعه في الثرى، علها تكفر عنه بعض ذنوبه وخطاياه، ونحن الذين توادعنا قبل سنين من غير سلام، وسفت الريح تراب النسيان في أزقتنا، وتغيرت اسماؤنا وكنانا واقنعتنا. فكيف عرفتني من بين الزحام، بعد أن ذبل وجهي، وشاب مفرقي، وضاعت ملامحي، وكيف دار الزمن، ليعيد وصلي بك، بعد أن جذ غيرك عني أمراسه، وأنا الذي تشبثت به بأضلاعي، فقطع حباله وتركني هائما في فلاة تعصف فيها نيرج مجفال.
 
كنت أعرف، أنك تستطيع أن تعيد لي الأنفاس، وأن تضمد اضلعي، كما عهدتك منذ كنا، ورغم كل الاسى، وكل الحزن والانكسار، جعلتني أبسم، وما ابتسمتُ إلا لجلال وجهك، وضياء قلبك.
 
لن أخشى عليَّ، ما دمتَ أنتَ معي :)
 
سأكتب لك ما يليق، فقط امهلني ساعة استجمع فيها جند حروفي، وسيبقى الشوق يسبق أحاديثنا في ساعات الليل الأخيرة، حين ينام الناس، ويسهر العشاق، بل حين يموت الموتى، ويبقى الأحياء.
 
فإلى موعدٍ آخر، مع صوتك، مع سحرك، مع الحياة التي لا تتخلق إلا في عينيك.

،

::
::

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق