::
::
،
[ سأحارب كيلا .. أحبك! ]
بالأمس، لم ينقطع فكري عن الطواف حول كعبة وجهك، يفترسني الشوق إليك، واصرخ في جوفي: أريدك! أريد أن أراك! ألا من سقطة قدر تأخذ السماء على حين غفلة، فاراك في مكان ما صدفة دون قصدٍ وموعد! أذكر آخر مرة رأيتك فيها، رغم كل الخلاف بيننا، رغم كل الخصام، رغم كل الأسى الذي مزق قلبينا، نسيتُ كل شيء حينما رايت وجهك، وشعرتُ كأن ثمة زناد يقدح في أضلعي ناراً أتسفع بها فتبدد الجمود في عروقي! رأيتُ وجهك، فنسيتُ العتاب، ونسيتُ العذاب، ونسيتُ العقاب، ولم أستطع إلا أن أحبك، وأن أمارس حنيني إليك خلسة في حضورك! لم أستطع إلا التحديق في عينيك، وإرواء ظمئي من بسمة شفتيك الزاهرتين. كم وددتُ حينها لو وثبتُ وعانقتك حتى حطمتُ أضلعي فيك!
كان ذاك قبل قرابة سنة من الآن، وكان ذاك قبل تشظي فؤادي تحت قدميك بحوالي سنة وثمانية أشهر! من كان سيصدق أني سأنسى كل حقدي على تركك إياي فورما رأيتك، من كان سيصدق أني سأتفجر ولعاً بك رغم هجرك إياي؟ إنه الحب يا جميلة ذاك العمر، كان حبي لك يفوق كل شيء، ويستحوذ على كل شيء، ومستعدٌ لأجله لأن أضحي بكل شيء، كل ما كنتُ آمله هو حياة يكون قوامها أنت، وعمر يمتلئ بك، وزمن لا أرى فيه إلاك، وألغي من الوجود كل الخلائق، ولا أرى في الكون إلا ما يُطبع في حدقة عينيك! كم كنتُ متأهباً لأن أبيع الدنيا ومن فيها فداءً لرمشك!
لو بقيتَ معي، تيقن، أني كنتُ سأحبك أكثر، وأسكر في غرامك أكثر أكثر، ولكن، لم تبقَ معي، ولم أبق أنا، ولم يبقَ شيء!
صحوتُ اليوم فجراً، وأول شيء خطر بخلدي .. هو وجهك! ولكن سرعان ما شعرتُ بألم يعض أضالعي، أين أنت؟ لم تركتني؟ تلفتُّ حولي ولم أجدك! ثم داهمني طيفك، وأنتَ معلق في ذراعي شخصٍ غيري، ولاهٍ هناك غير مكترثٍ بما يحل بي! وقالوا أنك بخير، وأن حياتك تتبجس هناءً وسعادة، وكل أوضاعك استحالت حسنى، فهل قال لك أحدٌ أني بخير؟ هل قال لك أحدٌ أنك أعقبت قلبي محطما كجرة مكسورة لا تُرفأ أجزاؤها! هل قال لك أحدٌ أن الحمى لم تتركني يوماً منذ حولين كاملين! هل قال لك أحدٌ أن عيني موشومتان بالحُزن وكأني طيلة الوقت أذري الدمع عنهما بأناملي! هل قال لك أحدٌ أن صوتي مازال مخنوقاً من شدة السعال على ذات الحال الذي تركتني عليه! هل قال لك أحدٌ أني لم استسغ طعماً للحياة ولا أشرقت في عيني ألوانها منذ أن غادرت! لم يخبرك أحد، ولكن تُخبرك العينان ما الصدرُ كاتمُ!
على أية حال، أنا أيضاَ أوضاعي تغيرت، الشيء الوحيد الذي يبقيني معلقاً بك هو وفائي لك، وجسامة صبابتي فيك التي تتطلب دهراً من الهدم!
فهل كان خطأ أصابعي الرجفى عناية من الله لك؟ وهل تدخل القدر ليمنعني من الوصول إليك رأفة منه بك؟ رقم واحد فقط، كان يفصل رسالتي إلى هاتفك! لتذهب دونك إلى المجهول!
لقد تذكرت عنوانك أخيراً، ولكن لحسن حظك، أني لستُ اليوم بذات الضعف والانكسار الذي حاسني بالأمس! فاطمئن، لن أرسل! على الأقل قياساً بمناعتي وقوتي الحالية!
سأستمر في المقاومة، وسأواصل الصبر، أعلم أني معرض لنكسات الحنين واغتيالات الشوق دوماً، أعلم أن حبي إياك يحدق بي ويتربص ليغرس خنجره في صدري خلسة!
ولكن، مهما كان، سأقاومك، سواء أكنتُ حياً أو ميتاً .. سأقاومك في محبرتي ومقبرتي! وكن دوماً على ثقة، أنك خسرتني! فلن تجد في الكون كله، ولو علقت الأرض من أقطابها، لن تجد قط، من أحبك أكثر مني ..!
يالله، سامحني على ما سأفعله، أو ما أحاول أن أفعله، أو ما أفكر في أن افعله، سامحني واغفر لي ارجوك ولا تأخذني به، ربما سيخفف عني بعض ما أعانيه الآن، ربما سيسعفني على النسيان، أنت تعلم ما بقلبي، فسامحني إن تهورت أو اقدمت على خطأ، فلن أفعل ذلك إلا هروباً منها، وابتعاداً عن طريقها، سأتركها تعيش بسلام، مع من اختارت واستكانت إليهم وقتلتني إرضاءً لهم، قدرما استطيع، وأنا سابقى في المقاومة، وأنتَ خير من يعلم أن دمائي دماء ثائر!
سأخون وطني، وأخون عينيها، هذا القدر الذي اختاره لي كل أحد .. إلا أنا!
،
::
::
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق