::
::
الــيــــوم: سابع ألم
الأسبوع: أربعون جُرحاً
الـشــهـر: أكتوبر الأسى
الــســنـة: الحادية عشرة بعد ألفي منفى
أتراه قد مضى وقتٌ طويلٌ منذ آخر مرة عانقت عيناي وجهي في المرآة؟ لستُ أدري، فما أنا من الذي يجيدون حساب العمر وقياس حجم التاريخ، ولا أبرع في الاحساس بدقات الساعة ولا بلسعات عقاربها، فمازال وجداني مركوناً خارج نطاق الزمن، لدرجة أشعر فيها أن رحى الدهر قد أقصرت عن الدوران، أو بالأحرى، أن عمري ما انفك قيده موثقا في إحدى زوايا الماضي المعتمة التي تتشابه في ظلمتها .. كل الأشياء!
الوقتُ يمر سريعا جداً في أيامي الأخيرة، ربما لأن الزمن لم يتمكن بعد من اختراق جدار الأمنيات التي عجز الدهر عن جعلها تشيخ وتحني ظهرها. نعم، هذا أنا الذي لا يحسب عمره بالأرقام، إنما بالأحلام .. والوجوه! فليس عجبا ألا تمسني سياط الوقت إلا .. بسوط الحنين!
منذ أن بدأت العمل، وأنا أقيم مأتماً لحريتي كل ليلة، وشوق القفول إلى وطني، إلى داري، غرفتي، مخداتي التي عصرتُ فيها ألوان حزني، ونسائم العشب الأخضر، وعبير النرجسات السبع، وشذى البرتقال وأريج الياسمين، وشموخ النخيل الباسقات، ورائحة العطر الذي تمخض عن تراب بللته دموع السماء غداة رحيلي، كل هذا وأكثر، يطرق في أضلعي دسار الصبابة، ويقلد يدي سيفا يقدد الأيام إربا، لأجدني يوم الأربعاء في قوافل العائدين إلى الأوطان، ولكن بأجنحة أكبر، من التحنان!
أفتقدني هنا، ولا أراني هناك كما أراني هاهنا، ويزعجني أن يسرق الوقتُ مني أنس كتبي ودفاتري، ورغم أني أحاول جاهدا مواصلة القراءة في أحايين الفراغ أثناء فترة العمل، إلا أن ذلك لم يروِ ظمئي وتعطشي لمعانقة الأحرف، وكل هذا الانزعاج، يثلج ناره أمل بالاستقرار قريباً، وإن غداً لناظره قريبُ.
أنا في هذا الأسبوع الأربعين على التشظي، رغم كل الانكسارات، رغم كل الأحلام الذابلة، مازلتُ أقف، ومازلتُ أسير، ومازلتُ .. أبتسم :)
أيها الحُزن .. شكراً لك .. لأنك وحدك تطبع في وجهي قبلة دفء، في الوقت الذي تختفي فيه وجوه وعدت بالحياة .. فأوفت بموت!
::
::
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق