::
::
الــيــــوم:عشرون ألماً وسبعة
الأسبوع: سبعة عشر جُرحاً
الـشــهـر: إبريل الرحيل
الــســنـة: الثانية عشرة بعد ألفي منفى
،
[ حضرة الموت، عليه السلام ]
حضرة الموت المبجل، سلامٌ عليك نائياً، سلامٌ عليك دانياً، وعلى جيوب معطفك الفارغة حين تأتي، والملأى بأرواح الخلائق وأنفاسهم حين تذهب. حضرة الموت المبجل، أرجو أن تكون قد تزودتَ منا على قدر ما يحوج ارتحالك حتى تؤوب، واستدفأتَ بِحَرِّ الأسى الذي ألقيته في القلوب. حضرة الموت المبجل، إليك منا دموعنا هذه زكاة مفروضة علينا لسُكان السماء، علهم يبسمون، فيرضون، فيغفرون. والسلام.
[ تاكي .. اسكن أنتَ وأدمعي الجنة ]
أيها الصديق، لقد غرقنا في موجة الموت الأخيرة معاً، بعد أن كسرت عواصفه الهوجاء قاربنا المثقوب مذ فارقت مرساته مرافئ اليأس وتشظت أجنحتنا على صدر شطئان الحياة، لنسقط من على ظهره في لججه، ونستسلم لركائب موجه كأسرى مكممة أفواههم، معصوبة أعينهم، لا وجهة لهم ولا خارطة .. ولا وطن!
أيها الصديق، في غمرة الاختناق تلك، ظننتُ أني أحمل في وجهي ملامح تغوي الموت لكيما يلقي عليَّ عباءته، وحملتُ رغم تشظي مرافقي، يدي إليه لأتشبث بمعطفه الرمادي الذي طالما أحببتُ لونه عليه! وتبسمتُ في وجهك، وأنا أقرئك تحية الحب الأخيرة بيننا، وأقول لك: احفظ عينيَّ في عينيك، فإني لن أعود لأعانقك بهما مرة أخرى!
فلماذا وقف وجهك جامداً، بابتسامةٍ لا تفتر عن إراقة الدمع في خديَّ! يا الله، أيعقل أن يخون الموتُ وعده وينكث بقسمه، لماذا يستديرُ ويشيح بوجهه عني ويطرق أقدامه نحوك! لقد كان فمي مملوءاً بماء الدهشة، فصرختُ دون صوت إلا في جوف صدري حاطماً أضلعي!
لقد خانني الموتُ من جديد، ليترك لي هدايا حُزنه التي ملأت غرفتي، وابتلت بها ثيابي ومخداتي! تاكي! تريث قليلاً، قل له، أخبره أني أنا من جاء يطلبني، أنا من أرسلته السماء بحثاً عني لا أنت! تاكي!
عيناك يا تاكي تبرقان، كأن ألم الفراق يصيحُ في جفنيك، ستتركني أنتَ أيضا! ستتركني وطوق أنسي بك يسور عنقك!
رحلتَ يا تاكي، وأبقتني السماء لا لشيء سوى، لأبكي عليك!
سأبكيكَ ما فاضت دموعي فإن تَغِضْ
فـحسـبُـك مني مــا تُـجـنُّ الجَــوانـــحُ
،
::
::