::
::
،
[ كُنتَ جُرحاً جميلاً .. وانتهى ]
حينَ رأيتك آخر مرة، لم تكن أنتَ أنت الذي أحببتك، وكأن عينيك اللتين أسرتاني مقيداً في هواك قد نُزعتا من وجهك، ورُصعتَ بعينين أخراوتين، لا تشبهانك في شيء، كما لو كانتا ليستا لك، وليستا لي! حين سمعت صوتك آخر مرة، كان أبرد من أضلعي التي جمدها صمتُك، ودثرها بالجليد جفاؤك!
حين آثرتَ الغياب، واستكنتَ إلى حياةٍ لا تحمل وجهي، فقدتَ روحك، وسقطت منكَ آخر أزهار الياسمين التي أودعتُها كفيكَ الصغيرتين ذات نهار، ولم يعد وجهك يبض نوراً يثل عرش الشمس وينزع عن جبينها تاج الدفء وعن يديها صولجان الضياء.
حين تأوي لنومك باكراً كل ليلة، وتغرق في سباتك الطويل تاركاً لي جُرحاً راسياً في موانئ جفني، لم يعد يباغتك الشوق مثلي، ولم يعد يؤرقك الحنين .. مثلي !
حين أحببتك، مزقتُ تذاكر أسفاري، لما رأيت في وجنتيك الزاهرتين آخر محطاتِ قطاري، وألقيتُ من يديَّ زادي وتزودتُ بك، وخلعتُ معطفي لأحضنك فيه، لينشب عطرك في قميصي أظافره، يقسم عليكَ ألا يوماً تغادره ..
وهأنذا، أتخذ من عصفِ الرياحِ قارعةَ، ومن انكساراتي رصيفاً، ومن جراحك جلباباً لا يقي حر صيفٍ ولا قر شتاء ..!
جعلتُك تغفو في دثار قميصي، وجعلتني أنزفُ .. عارياً منك !
حين نسيتَ نفسك، وتناسيتني معك، اغتلتَني بصمتكَ المأجور بالبرد، حين وقفتُ على بابك، أنتظر أن تبتسم في وجهي، وتمد إليَّ يديك لتمسح أحزاني، لتعانقني، لتخبرني كم تحبني، كم تشتاقُ إليَّ، كم هي الحياةُ كئيبة دوني .. كنتُ أنتظر، وكان انتظاري أطول عمراً من حُبك، وأقصر بكثيرٍ من .. يأسي !
لا تقلق، لستَ بحاجة لأن توهمني بسطوة ذاكرتك، وأنك تقيم عليَّ مآتم حزن، صدقاً، لستَ بحاجة لأيٍ من هذه الأعذار .. لأنك لو كنتَ صادقاً فيما تدعي، لوجدتك ترتمي لذراعيَّ وتطوق أضلعي .. حين طرقتُ بابك يوماً .. وقلتُ: أحبك ! لوجدتُك تبحث عن عينيَّ في المرايا، عن وجهي في أبراج السماء، عن عطري في الشوارع والأزقة .. عن صوتي في عتمة الليل .. عن أصابعي حين يغمرك البرد .. وتبحث عن صدري تلقي فيه أدمعك .. وابتهالاتك !
لستَ بحاجة لأن تمثل أدوار الحب بعد اليوم، لأني اعتزلتُ مسارحك، وسأمضي .. ولن أعود إليك .. أبداً !
،
::
::
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق