::
::
يُعد كتاب [ أدبُ الكاتب ] لمؤلفه [ ابن قتيبة الدينوري ] أحد الكتب الأربعة التي يعتبرها كثير من الأدباء والمؤرخين أنها رأس كتب الأدب العربي، كما يحسب مؤلفه [ ابن قتيبة ] من الموسوعيين العرب الذين تبحروا في علوم عديدة كاللغة والأدب والتاريخ والسياسة إضافة إلى علوم الفقه والحديث، وقد عاش ابن قتيبة في بلاد الرافدين خلال القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي.
وإذا ما أردنا أن نسم كتاب [ أدب الكاتب ] بلغة العصر، فمن الممكن أن نطلق عليه اسم [ كتاب الثقافة العامة ]، فقد جمع ابن قتيبة فيه ما يعتقد أنه على كل كاتب في ذاك العصر أن يكون مطلعا عليه ومُلماً به، من علومٍ ومعارفٍ وأساليب كتابية ولغوية، أي أنه –باختصار- الثقافة العصرية العامة التي يجب أن يتحلى بها كل كاتب آنذاك.
والكتاب –كما ألمعنا- عبارة عن معلومات ومعارف متنوعة شملت تصحيح ما يخطئ الناس في قوله أو لفظه أو كتابته، وأيضا في خلق الإنسان وأسماء الأعضاء، وفي خلق الحيوانات وأسمائها وفروقها، وكذلك في الأطعمة والأشربة، وفي اللباس والآلات والنجوم والأنواء والفلك.
وحسب تقييمي لهذا الكتاب، فأنا لا أراه يرتقي لأن يكون في مصاف كتب الأدب الأربعة الأولى، وذلك من جهتين، أولهما أن نفعه أقل بكثير مما وجدته في كتاب البيان والتبيين للجاحظ، وثانيهما هو أن كثيراً من المعارف التي احتواها الكتب قد عفَّى عليها الدهر، فهي ثقافة محدودة بأقواس مدارك تلك الحقبة من الزمن، ولذا فكثير منها قد لا يكون ذا فائدة لكاتب عصرنا هذا.
وقد قرأتُ في أدب الكاتب قول ابن قتيبة أن المسكين أشد فاقة وعُدما من الفقير، ولكني وجدتُ أبا منصور الثعالبي في كتابه [ فقه اللغة ] يُخطئ قول ابن قتيبة ويدعو إلى أن الفقير أشد فاقة وبؤسا من المسكين، وألفيتُ هذا الموضوع محل خلاف بين بعض علماء اللغة، فمنهم من يجعل الفقير أسوأ حالا من المسكين وآخرون يخالفونهم، ولكن بعد أن ذكر ابن منظور في [ لسان العرب ] أدلة الفريقين رجح القول الذي يقضي بأن الفقير أسوأ حالا من المسكين.
وختام القول، أني أرى أن أدب الكاتب كتابٌ جيد، ولكن لا أعطيه أولوية في القراءة، بخلاف كتاب البيان والتبيين للجاحظ، هذا مع الإشارة إلى أني لم أقرأ كتابي الكامل للمبرد والأمالي للقالي بعد، وسأقارن بين الكتب الأربعة حين أفرغ من قراءتها جميعها.
::
::