وجهي .. في مرآة مهشمة ..!

صورتي
حيث تفنى كل نار
هيَ ذي الحياة ُرسائل ٌ.. فيها من الألم الجديد ْ.. العُمر خيل ُمراسل ٍ.. والحُزن ذاك هو البريد ْ..!

الجمعة، 23 سبتمبر 2011

أدب الكاتب / ابن قتيبة الدينوري

::
::
يُعد كتاب [ أدبُ الكاتب ] لمؤلفه [ ابن قتيبة الدينوري ] أحد الكتب الأربعة التي يعتبرها كثير من الأدباء والمؤرخين أنها رأس كتب الأدب العربي، كما يحسب مؤلفه [ ابن قتيبة ] من الموسوعيين العرب الذين تبحروا في علوم عديدة كاللغة والأدب والتاريخ والسياسة إضافة إلى علوم الفقه والحديث، وقد عاش ابن قتيبة في بلاد الرافدين خلال القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي.
وإذا ما أردنا أن نسم كتاب [ أدب الكاتب ] بلغة العصر، فمن الممكن أن نطلق عليه اسم [ كتاب الثقافة العامة ]، فقد جمع ابن قتيبة فيه ما يعتقد أنه على كل كاتب في ذاك العصر أن يكون مطلعا عليه ومُلماً به، من علومٍ ومعارفٍ وأساليب كتابية ولغوية، أي أنه –باختصار- الثقافة العصرية العامة التي يجب أن يتحلى بها كل كاتب آنذاك.
والكتاب –كما ألمعنا- عبارة عن معلومات ومعارف متنوعة شملت تصحيح ما يخطئ الناس في قوله أو لفظه أو كتابته، وأيضا في خلق الإنسان وأسماء الأعضاء، وفي خلق الحيوانات وأسمائها وفروقها، وكذلك في الأطعمة والأشربة، وفي اللباس والآلات والنجوم والأنواء والفلك.
وحسب تقييمي لهذا الكتاب، فأنا لا أراه يرتقي لأن يكون في مصاف كتب الأدب الأربعة الأولى، وذلك من جهتين، أولهما أن نفعه أقل بكثير مما وجدته في كتاب البيان والتبيين للجاحظ، وثانيهما هو أن كثيراً من المعارف التي احتواها الكتب قد عفَّى عليها الدهر، فهي ثقافة محدودة بأقواس مدارك تلك الحقبة من الزمن، ولذا فكثير منها قد لا يكون ذا فائدة لكاتب عصرنا هذا.
وقد قرأتُ في أدب الكاتب قول ابن قتيبة أن المسكين أشد فاقة وعُدما من الفقير، ولكني وجدتُ أبا منصور الثعالبي في كتابه [ فقه اللغة ] يُخطئ قول ابن قتيبة ويدعو إلى أن الفقير أشد فاقة وبؤسا من المسكين، وألفيتُ هذا الموضوع محل خلاف بين بعض علماء اللغة، فمنهم من يجعل الفقير أسوأ حالا من المسكين وآخرون يخالفونهم، ولكن بعد أن ذكر ابن منظور في [ لسان العرب ] أدلة الفريقين رجح القول الذي يقضي بأن الفقير أسوأ حالا من المسكين.
وختام القول، أني أرى أن أدب الكاتب كتابٌ جيد، ولكن لا أعطيه أولوية في القراءة، بخلاف كتاب البيان والتبيين للجاحظ، هذا مع الإشارة إلى أني لم أقرأ كتابي الكامل للمبرد والأمالي للقالي بعد، وسأقارن بين الكتب الأربعة حين أفرغ من قراءتها جميعها.
::
::

الاثنين، 12 سبتمبر 2011

سيد الغزليين / عمر بن أبي ربيعة

::
::
عمر بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، الشاعر الذي نال لقب [ سيد الغزليين ]، هو شاعر عربي مسلم ولد في العام الذي توفي فيه خليفة المسلمين الثاني، عمر بن الخطاب، أي في العام الثالث والعشرين للهجرة.
نشأ عمر بن أبي ربيعة في الترف وشب على غضارة العيش وسعته، فقد كان أبوه من كبار أغنياء قريش وأثريائها. ونظرا لهذا الثراء، عاش عمر عيشة مترفة قضى مجملها مترفها متنعما، ويمضي كثيرا من أيامه في مجالس اللهو والطرب، وكانت مهنته هي الغزل ووصف النساء، فبرع في التغزل والتشبيب وأتقن وصف الأحداث وسرد القصص والوقائع التي مر بها بلغة شعرية فصيحة وألفاظ جزلة.
يصُبُّ جل شعره في الغزل وذكر لقاءاته بمعشوقاته الكثيرات، وكان يزعم أنه يحب كل امرأة يتغزل بها، ولكنه سرعان ما يتغير حبه إلى امرأة أخرى بعدها، وكما قال:
                      سلامٌ عليها ما أحبت سلامنا ... فإن كرِهَتْهُ فالسلام على أخرى
أما عن انطباعي الشخصي، فإني لم يرُقني شعر عمر كثيراً، إذ أن مجمل غرضه متكرر في كل شعر ينشده، فليس له وجهة شعرية غير الغزل وذكر محاسن محبوبته وسرد قصته مع كل معشوقة مرت به في حياته، وهذا على عكس ما قرأته في شعر مجنون ليلى قيس بن الملوح الذي تشعر بشعره يجري في مساري دمك، لشدة الحزن والمرارة وصدق المشاعر التي كان يكنها لحبيبته الوحيدة، ليلى العامرية، وأيضا هناك جميل بن يعمر الذي يلقب بجميل بثينة الذي عاصر عمر بن أبي ربيعة، إلا أن جميل كان عفيفا مخلصا في حبه لبثينة.
ذكرت أخبار كثيرة أن عمر اعتزل الغزل بعد أن تقدم به العمر، وروي عنه تنسكه في آخر عمره شأنه شأن كثير من الشعراء الذين أفحشوا في غلواء شبابهم ثم أقصروا في مشيبهم، كجرير وأبي نواس وغيرهم.
من أشعاره الجميلة، قوله:
لو بَصَقَتْ في البحر والبحرُ مالحٌ ... لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا
وأيضا:
إذا أنتَ لم تعشق ولم تدر ما الهوى ... فكن حجراً من يابس الصخر جلمدا
ومن أشعاره الشهيرة قوله:
أيها المُنكح الثريا سهيلا ... عَمرَكَ اللهَ كيف يلتقيانِ
هي شامية إذا ما استقلت ... وسهيل إذا استقل يماني
والآخر:
أشارت بطرف العين خيفة أهلها ... إشارة محبوب ولم تتكلمِ
فأيقنتُ أن الطرف قد قال مرحباً ... وأهلا وسهلاً بالحبيبِ المُتيم
ختاما، شعر عمر ممتع في بعض قصائده وأبياته، إلا أنه مجملا لم يكن مشوقا لي بالقدر الكافي الذي أحسسته أوان قراءتي ديوان مجنون ليلى، فالفارق بينهما واسع المدى، ربما لأني أميل إلى عاطفة الحزن أكثر من عاطفة العشق والهوى، وتؤثر فيَّ الانكسارات أكثر من الانتصارات، كما هو الحال في شعر قيس بن الملوح.
ولكن، يبقى الحزن سيد المشاعر الإنسانية وأكثرها صدقا، وكما قال عمر:
إن الحزين يَهِيجُهُ ... بعد الذهول بُكا الحزينِ
::
::